شكّلت المسائل المتصلة بدعم جهود نشر ثقافة المنافسة الفعّالة وتعزيزها لأجل إرساء بيئة تنافسية وزيادة الوعي بضرورة تحفيز المنافسة العادلة، محور المنتدى الخامس للمنافسة، المنتظم بتونس يومي 22 و23 ماي 2024 ببادرة من لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الأسكوا).
وخصصت الدورة الخامسة من المنتدى لدرس المستجدات والإصلاحات اللازمة لتكييف قوانين المنافسة والسياسات الخاصة بها مع التحوّلات الاقتصادية، التّي تفرضها نماذج الأعمال الجديدة والتطورات التكنولوجية، على غرار الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، حتّى تواكب الأطر التشريعية التحديات الناشئة دون المس بالإبتكار.
ويهدف المنتدى، بحسب منظميه، إلى المساهمة في تحسين النمو الاقتصادي والحوكمة بما يتماشى مع أهداف التنمية المستديمة وتعزيز التعاون والتنسيق بين هيئات المنافسة في الدول الاعضاء بالأسكوا.
كما يهدف الى تقديم رؤى لعملية صياغة سياسات المنافسة وتنفيذها في المنطقة العربية إستئناسا بأفضل الممارسات العالمية.
ويتيح المنتدى فرصة للحوار بين المشاركين من الدول الأعضاء ممثلة في هيئات المنافسة في المنطقة ومن الأوساط الأكاديمية إضافة إلى المنظمات الدولية والإقليمية فضلا عن خبراء دوليين معنيين بسياسات المنافسة وإنفاذها.
وأشار رئيس مجلس المنافسة في تونس، حسّان القيزاني، أن المراجعة الشاملة لملف المنافسة مكن من القيام بنقد ذاتي واكتشاف بعض العيوب على مستوى النص التشريعي والتمعن في نقائص التطبيق.
وأضاف أن التقييم شمل كافة المراحل من دراسة السوق ورصد مؤشرات وجود ممارسات مخلة بالمنافسة والتعهد بها ثم البحث والتقصي بشأنها إنتهاء بمرحلة التقاضي وإصدار القرارات الكفيلة بالتصدي لهذه الاخلالات.
وأبرز أنّ الخيار كان في اتجاه التعويل على الأعمال الميدانية والشروع في إنجاز بنك معلومات عصري يمكن من تحليل المعطيات الحقيقية للسوق والكشف عن أي خلل يهدد توازنه أو يتهدد الإقتصاد أومصلحة المستهلك على غرار الشروع في إعداد مشروع تنقيح للنص التشريعي الحالي قصد إضفاء مزيد من النجاعة في مجال المنافسة.
وقالت وزيرة التجارة، كلثوم رجب، أنّ تونس تبنت سياسة المنافسة الشفافة منذ تسعينات القرن الماضي معتمدة سياسة إقتصادية منفتحة ومتوازنة جعلتها في طليعة الدول الإفريقية والعربية في المجال.
وأشارت إلى أن التحديات الكبرى، التّي يشهدها العالم جعلت الهاجس الأساسي للدول النامية هو توفير الأمن الغذائي لشعوبها والتعويل على قدراتها الذاتية إزاء ندرة المواد الأولية والأساسية وارتفاع أسعارها مع البحث في الوقت ذاته عن تكتلات إقليمية وتحالفات اقتصادية أخرى وهو ما قد ينجر عنه عودة لتدخل الدولة في كل القطاعات.
وأشار مدير عام المنافسة والأبحاث الإقتصادية بوزارة التجارة وتنمية الصادرات، حسام الدين التويتي، في تصريح لوات، إلى وجود عديد الممارسات المخلّة بالمنافسة تحوّلت إلى جرائم عابرة للحدود ممّا يتطلب مزيدا من التنسيق والعمل المشترك بين السلطات المعنية بهذا الشأن في المنطقة العربية.
وأوضح التويتي أن تونس كانت سباقة في الانخراط في كل المبادرات الخاصّة بالمنافسة عبر إبرام شراكات مع عديد المنظمات، وأيضا، في إطار ثنائي أو إقليمي أو متعدد الأطراف.
وبشأن وضعية المنافسة في تونس، أكّد التويتي أنّها بصدد التعافي تدريجيا مشيرا إلى أن وزارة التجارة ومجلس المنافسة يعملان حاليا على عديد الملفات بهدف التصدي للإحتكار ولإي ممارسة مخلّة بالمنافسة من شأنها ان تأثر على التوازنات العامّة للسوق وعلى التكوين الطبيعي للأسعار.
وأبرزت مسؤولة الشؤون الإقتصادية بالاسكوا، ناتي خالد، في تصريح ل(وات)، أن اختيار موضوع نشر ثقافة المنافسة يهدف إلى توعية السلطات وصنّاع القرار بأهمية تحرير المنافسة وتوفير فرص عادلة أمام جميع المستثمرين والناشطين في المجال الإقتصادي ملاحظة تواصل سيطرة الدولة في المنطقة العربية على بعض القطاعات الهامّة.
وأوضحت أنّ التوصيات ستركز على مسألة التقارب والتعاون بين هياكل المنافسة العربية بدءا بتقريب القوانين وتبادل مذكرات التفاههم وهو ما من شأنه ان يساعد، خاصّة، في تسهيل المنافسة العابرة للحدود.
تحدثت المسؤولة عن وجود تباين في مستوى المنافسة بين الدول الأعضاء مشيرة ووجود جديّة أكبر على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي في ما يتعلق بوضع الأطر التنظيمية لسن قوانين موحدة للمنافسة تتعلّق، خاصّة، بضبط العمليات الإحتكارية عبر الحدود.
وتابعت القول أن بعض الدول الأخرى خاصة تلك، التي في طور النمو أو تعاني صراعات، تعاني من ثغرات قانونية ومؤسسية وهو ما يتطلب وضع برامج خاصة بها بهدف خلق بيئة تنافسية تعود بالنفع على إقتصادياتها وتساعد على انتشالها من الأزمات الإقتصادية والإجتماعية، التي تعاني منها.
وجرى خلال جلسة خاصة حول « الشباب العربي في ميدان المنافسة »، نظمت على هامش المنتدى منح الجوائز للفائزين في « تحدّي المنافسة الطلّابي »، الذي أطلقته الإسكوا ومجلس المنافسة التونسي خلال مارس 2024 بهدف زيادة وعي الطلبة في تونس وتشريكهم في الحوار والأبحاث حول مواضيع المنافسة في المنطقة.
وفاز بالجوائز فريقا من طلبة كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية في جامعة قرطاج بتونس ومن كلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة.
وأطلقت الإسكوا منتدى المنافسة العربي منذ في عام 2020، بالشراكة مع الأونكتاد ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، بهدف إنشاء منصة لتبادل المعرفة حول سياسة المنافسة.