تعدّ ولاية القصرين ولاية فلاحية بإمتياز بما تمتلكه من خصائص كرستها طبيعة التربة والمناخ، ما مكّنها من إحتلال الصدارة في عدة منتجات على غرار التفاح، والفستق، والتين الشوكي، والزراعات الآخر فصلية (الطماطم)، ولا سيما البطاطا التي تزرع على مدار 5 فصول في السنة (بطاطا المرتفعات) وتمثّل تجربة رائدة بالجهة.
كما تنفرد القصرين بمخزون أثري هامّ يمثل حوالي 35 بالمائة من المخزون الأثري الوطني (400 معلم)، وبغطاء غابي كبير يمثل حوالي 25 بالمائة من الغطاء الغابي الوطني ويحتوي على مواقع طبيعية إيكولوجية على غرار الحديقة الوطنية بالشعانبي، والسلاسل الجبلية، والمساحات الغابية، ومنبع المياه الجوفية الحارة ببولعابة.
وتزخر الجهة كذلك بمدخرات طبيعية متنوعة من مواد انشائية كالرخام، والجبس، والطين، والرمل، وكربونات الكالسيوم موزّعة على 40 موقعا بالولاية، الى جانب المياه القابلة للتعبئة والمقدرة بحوالي 272 مليون متر مكعب، فضلا عن مقومات الإنتاج الطاقي حيث تضمّ الولاية حقلين للبترول بمنطقتي الدولاب وطم صميدة، مع إمكانيات واعدة لإحداث مشاريع لتوليد الكهرباء من الطاقات النظيفة والمتجدّدة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
إمكانيات ومدّخرات هامة ومتعدّدة تحدّث عن بعضها والي القصرين، رضا الركباني، بمناسبة لقاء جمعه مساء أمس الإثنين بصحفيي وكالة تونس إفريقيا للأنباء المشاركين في الدورة 20 لبرنامج « زوم على الجهات » بمقر الولاية.
وأكد الوالي أن كلّ هذه المقومّات يقابلها تدنٍ في المؤشرات التنموية، حيث يحلّ ترتيب 12 معتمدية بالجهة بعد المائتين من جملة 264 معتمدية بالجمهورية، كما تفوق نسبة البطالة بالولاية تفوق 22 بالمائة مقابل 17.7 بالمائة كمعدّل الوطني، كما تقدّر نسبة الفقر بـ32.8 مقابل 15.2 على المستوى الوطني.
وكشف الوالي أنّ من أهم طموحات الجهة هو استكمال المشاريع المبرمجة أو التي سبق الإعلان عن انطلاق الدراسات الخاصة بها على غرار مشروع تجديد الخط الحديدي رقم 06 الرابط بين تونس والقصرين عبر الكاف، والخط الحديدي رقم 11 الرابط بين ولايتي سوسة والقصرين عبر القيروان، ومشروع الطريق السيارة تونس -القيروان-سيدي بوزيد-قفصة، ومشروع مضاعفة الطريق السريعة صفاقس -سيدي بوزيد-القصرين، ومشروع تهيئة القرية الإستشفائية للمياه الجوفية الحارة ببولعابة، علما أنّه تم تخصيص العقار المطلوب لهذا المشروع على مساحة تبلغ 58 هكتارا من ملك الدولة الخاص.
وأضاف أنّ من طموحات الجهة أيضا إحداث مشروع منطقة التبادل التجاري الحرّ بوشبكة-تلابت بمعتمدية فريانة، حيث حرصت الجهة على توفير العقار اللازم على مساحة تقدر بـ219 هكتارا، إلى جانب تجسيد مشروع المركب الدولي للتربصات الرياضية بالشعانبي المبرمج منذ سنة 2008 وقد تم إقتناء 30 هكتارا من طرف المجلس الجهوي على أرض الواقع، مع انجاز مشاريع محطات التطهير بمعتمديات فوسانة، وسبيبة-جدليان، وتالة، ومنطقة بوزقام في معتمدية القصرين الجنوبية، ومشروع تأهيل الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق، ومشروع المصب الجهوي المراقب الملحقة به 7 مراكز تحويل نظرا لأهميته في معالجة المشاكل البيئية التي تعاني منها الجهة.
ولفت الوالي بالمناسبة إلى أن مشروع سدّ بولعابة يمثل مشروع الحلم بجهة القصرين، باعتباره يكتسي أهمية بالغة في تعبئة الموارد المائية بالجهة، والتحكّم في مياه السيلان، وتغذية الموائد المائية، وتدارك النقص الحاصل في بعض الموائد الجوفية، فضلا عن حماية سهول بولعابة ووادي الحطب وسيدي حراث من الفيضانات، وتزويد المنطقة الصناعية بالقصرين بالمياه، وتوفير مخزون مائي لإطفاء الحرائق الغابية.
وفي المجال الصحي، أفاد الوالي بأن القطاع ينتظر تحوّل المستشفى الجهوي بالقصرين إلى مستشفى جامعي بعد المصادقة من قبل وزارة الصحة على الأقسام الجامعية الجديدة فيه والمتمثلة في قسم الأمراض الصدرية، وقسم أمراض المعدة، وقسم المجاري البولية، وقسم الإنعاش الطبي، كما ينتظر إستكمال مشروع بناء المستشفى الجهوي بسبيطلة الذي يعرف انجازه حاليا تقدما بنسبة 90 بالمائة، مع إستكمال أشغال المستشفى الجهوي بتالة البالغة نسبة تقدم أشغاله حوالي 20 بالمائة، فضلا عن بناء المستشفى الجهوي بسبيبة الذي لم ينطلق بعد، وذلك في سبيل تحقيق نقلة نوعية في هذا القطاع الحيوي.
واعتبر الركباني أنّه يمكن إنجاز العديد من المشاريع بالجهة في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مؤكدا على ضرورة اتخاذ جملة من التدابير والأولويات اللازمة لمزيد إستحثاث نسق التنمية بهذه الربوع وإحكام توظيف الإمكانيات المتاحة بالجهة، بتسريع استكمال تسوية الوضعية العقارية للأراضي الفلاحية التي تم رفع الصبغة الإشتراكية عنها، ومزيد إحكام تنظيم الأنشطة الاستخراجية (مقاطع الرخام) من خلال بربط الإستخراج بالتحويل على عين المكان وضبط طرق الإستخدام وكيفية الإستغلال للمحافظة على ديمومة المخزون.
كما شدّد الوالي على ضرورة إعادة النظر في منظومة تمويل الإستثمار بالجهة خاصة في ما يتعلق بإحداث خط تمويل خاص بالباعثين الشبان، ودعم شركات ذات رأس مال المخاطرة وتسريع إنجاز بنك الجهات، وإدخال الأراضي الفلاحية المهيكلة في برنامج توزيع مقاسم فلاحية للفلاحين الشبان، وتطوير شركة القطب الصناعي التكنولوجي بالقصرين إلى قطب تكنولوجي يهتم أساسا بإختصاصات الصناعة بالجهة، فضلا عن الحاجة إلى دعم شركة التنمية الاقتصادية بالولاية لتطوير مساهمتها في دفع الإستثمار الخاص، وتحفيز الأنشطة ذات القيمة المضافة داخل مناطق الإنتاج، وإعادة النظر في الحوافز المسندة للجهة من خلال قوانين ذات علاقة بالإستثمار والتي تؤثر خاصة على تكلفة الإنتاج مثل الكهرباء والماء ونسبة الفائدة البنكية.
يشار الى أن الدورة 20 لبرنامج التّغطيات الصّحفية الخاص بالجهات « زوم على الجهات » بولاية القصرين، انطلق أمس الإثنين بمشاركة فريق صحفي متكامل من وكالة تونس إفريقيا للأنباء لإنجاز سلسلة من المقالات والريبورتاجات والفيديوهات التي من شأنها أن تبرز مشاغل الجهة وخصوصيّاتها في مجالات مختلفة (فلاحيّة، وسياحية، وصحية، واجتماعية، وثقافية).
وتنتظم هذه الدورة في إطار التعاون بين وكالة تونس إفريقيا للانباء ومؤسسة « كونراد إيدناور » الألمانية، الذي انطلق منذ سنة 2018 ، ليغطي طيلة 5 سنوات مختلف المشاغل والإنجازات بمختلف ولايات الجمهورية التونسية.