البث الحي

الاخبار : أخبار وطنية

501

شباب تونسيون حققوا أحلامهم في الصين … قصص نجاح لمغامرين في أقاصي الارض

من الإعلام إلى الأعمال إلى البحث العلمي والتكنولوجي في مجالات مختلفة، تتعدد قصص النجاح في الصين لشباب تونسيين خاضوا غمار مغامرة السفر إلى أقاصي الأرض بعيدا عن الوجهات التقليدية كأوروبا وأمريكا الشمالية ، لطلب العلم في مرحلة أولى ثم لاغتنام الفرص المتاحة في أرض فتحت أبوابها للكفاءات من الأجانب بعد اعتماد سياسة انغلاق واكتفاء بالذات طيلة عقود.
قد لا تكون الصين وجهة عادية لتلقي العلم والبحث عن فرص العمل لأسباب عديدة أبسطها صعوبة اللغة التي لا تقوم على قواعد لغوية واضحة مثل بقية لغات العالم ، وأوضحها اختلاف الثقافات بين بلدين لا رابط جغرافي أو ثقافي أو تاريخي بينها سوى معاناة الجانبين من الماضي الاستعماري بما فيه من خضوع للقوى الغربية، والانتماء المشترك إلى مجموعة الدول السائرة في طريق النمو، غير أن هذه المعطيات لم تمنع العديد من التونسيين من خوض التجربة في مرحلة أولى والدفاع بعد ذلك عن حقهم في النجاح على أرض التنين.
في تلفزة الصين الدولية بالقسم العربي، بوجهها البشوش وابتسامتها الهادئة، أصبحت خولة الجبري الشريف وجه القناة الموجهة للشعوب العربية ، هي مقدمة الأخبار منذ سنوات في قناة تجمع جنسيات عربية مختلفة ، ويرتفع فيها مستوى المنافسة، ولا بقاء فيها إلا للأفضل .
تقول خولة « تجربتي في الصين هي الآن حصيلة أكثر من احدى عشر عاما، بدأت بالدراسة واستمرت بالعمل. وصلت إلى الصين في 2007 بمنحة تبادل من الحكومة الصينية للطلبة المتفوقين، وكنت حينها أدرس بالمدرسة العليا للسمعي البصري ب?مرت ومتحصلة على شهادة جامعية من المعهد الأعلى لفنون الملتيمديا بمنوبة.
المنحة مكنتني من الإلتحاق بأكاديمية بكين للأفلام، حيث درست مدة سنة لغة صينية ، ثم سنة في قسم إدارة التصوير، حصلت إثرها على شهادة في الدراسات المعمقة لفن التصوير، لكن لم أعمل في هذا المجال، اذ شاءت الأقدار في عام 2009 أن ألتحق بالقناة العربية للتلفزيون الصيني على اثر اختبار وتم اختياري لتقديم نشرة الأخبار.
محمد البحري، تونسي يعيش في الصين منذ أكثر من عشر سنوات، تحصل على باكالوريوس تجارة واقتصاد باللغة الصينية في اختصاص الاقتصاد والتجارة الدولية، وانتقل الى العمل بهذا المجال في شركات أجنبية وصينية مختلفة. كما شغل مناصب متنوعة مكنته من مراكمة الخبرات والمعارف التي استغلها حتى نجح في بعث شركته الخاصة في الصين لتصدير الآلات و المعدات وبعض المواد الاولية لقطاعات معينة ، وأيضا تقديم خدمات استشارية وبحثية للشركات الأجنبية وخاصة التونسية للتعامل مع السوق والمزودين الصينيين.
شركة محمد البحري نجحت في تقديم مساعدات خدماتية ولوجستية لشركة تونسية مستثمرة في أحد دول القارة الافريقية لتزويدها بدعم لوجستي من الصين. كما يتقلد محمد منصب ممثل أعمال شركة « مجموعة » تونسية في مجاال الالكترونيات بالصين، نجحت في إنشاء مصنع لأحد هذه المنتوجات في تونس للتوزيع المحلي والتوجه الى تصديره لاحقا.
نبيل باشا آغا، ِتوجه بدوره إلى الصين في عام 2015 لدراسة الدكتوراه بمركز الإستشعار عن بعد والأرض الرقمية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم ببكين، وخلال فترة قصيرة حقق نبيل نجاحات مهمة في مجال البحث والدراسة من خلال توظيف مجاله البحثي في إطار مبادرة الحزام والطريق الرقمية إذ عمل على تطبيق تكنولوجيا التصوير بالأقمار الإصطناعية على مجال الأثار في تونس. وتوصل في عام 2017 ، إلى اكتشاف 10 مواقع أثرية تعود إلى الحقبة الرومانية تتكون من حصون وقلاع عسكرية و فسقيات ومقبرة رومانية وغيرها من الأثار مخفية تحت الأرض في الجنوب التونسي، بولايات قفصة ومدنين وتطاوين، إستنادا إلى صور الأقمار الإصطناعية.
وليد عبد الله متحصل على الدكتوراه اختصاص تاريخ معاصر وعلاقات سياسية من جامعة بيكين ويعمل حاليا صحفيا في جريدة الشعب الصينية اليومية الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني وينشر مقالاته باللغتين العربية والصينية. اختار وليد دراسة اللغة الصينية في تونس، وبعد التخرج عمل بشركة صينية ثم تحصل على منحة دراسية، وواصل تعليمه الجامعي للحصول على شهادة الماجستير ثم الدكتوراه حول العلاقات التونسية الصينية بدرجة متميز، بالتوازي مع عمله في الصحيفة الأكثر شعبية في الصين.
هذه الشخصيات هي نماذج عن أغلب أفراد الجالية التونسية في الصين الذين، وإن كان عددهم صغيرا لا يتجاوز بضع مئات إذ أن أغلبهم من الطلبة المتمتعين بمنح دراسية من قبل الحكومة الصينية ، إلا أنهم يتمتعون بمستوى علمي وثقافي جعلهم من أكثر الجاليات اندماجا في المجتمع الصيني، تمكنوا من الفوز بمواقع هامة، ومن تحقيق النجاح في محيط تنافسي شرس، و في بلد شروط الهجرة فيه من الاصعب في العالم.
ويعتبر التونسيون في الصين ان التغيرات الدولية تفرض على تونس التأقلم مع الواقع الاقتصادي العالمي الجديد، والبحث عن شركاء أقوى ضمن استراتيجيات عمل على قاعدة الربح المشترك، وهو ما تطرحه الصين في علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية في إطار سياسة براغماتية بحته.
في هذا الإطار يقول وليد عبد الله في تصريح ل(وات) » : الصين أصبحت نموذجا للقوى الاقتصادية الجديدة بل اصبحت محركا مهما للاقتصاد العالمي، ومصدرا للتكنولوجيا الجديدة ولديها شركات ضخمة في مجال الاتصال وصناعة الذكاء وقيادة الثورة الصناعية الرابعة ، وإذا أرادت تونس الاندماج في التشكيل الاقتصادي الدولي الجديد لا بد أن تكون لها علاقات جيدة مع الصين وأن تختار الشركاء على أساس المصلحة ».
وأشار إلى أن تنويع الشركاء أمر ضروري، وأن التوجه إلى الصين ليس بديلا عن الشركاء التقليديين بل لتحفيزهم بوجود شريك مهم يقوي موقع تونس في اي مفاوضات، على غرار تلك الجارية مع الاتحاد الاوروبي، مؤكدا على ضرورة تطوير التعامل مع الشركاء من مجرد مستثمرين يوفرون مواطن شغل إلى نماذج صناعية يمكن نقل التكنولوجيا منها لتوطين الصناعات التكنولوجية في تونس على المدى البعيد.
ويؤكد محمد البحري، من جهته، على ضرورة استغلال محاولات الصين البحث عن شركاء جدد وأسواق جديدة، لربط جسور التعاون ضمن علاقة أفقية مبنية على الاستفادة المتبادلة وذلك من خلال البحث عما يمكن ان يساهم في استقطاب الشريك الصيني وعما يمكن ان يستفيد منه.
وبين أن الإنتاج الصيني بدأ يواجه تحديات حقيقية على مستوى التنافسية العالمية، فالمنتوج الصيني الموجه لمنطقة افريقيا وأوروبا، مثلا يعاني من التكلفة اللوجستية الباهظة وبعد المسافة وطول مدة النقل وخاصة البحري و مواجهة ضريبة وجمارك الاستيراد المرتفعة في الأسواق المحلية، وحتى الارتفاع المتزايد لتكلفة اليد العاملة بالصين، وهنا تكمن قيمة خصائص البنية التحتية الاستثمارية في تونس لجلب المستثمر الصيني، باعتبار توفر الثروة البشرية في تونس وثراء قدراتها وضعف تكلفتها مقارنة مع اليد العاملة الصينية، إضافة إلى التصدير للمنتوجات التونسية الصنع لأسواق عديدة معفاة من الجمارك وضريبة الاستيراد مثل أسواق الاتحاد الاوروبي ودول افريقيا العربية والدول الأعضاء في اتفاق « كوميسا » التي انضمت إليها تونس حديثا.
وأضاف البحري قوله « إن جلب المستثمر الصيني لبناء شراكات مصانع ومشاريع تكنولوجية وبنيوية تحتية، يجب ان لا يكون فقط بهدف خلق مواطن شغل وتحقيق أرباح وقتية، وانما أيضا لكسب المعرفة وأسرار بعض الصناعات بسلاسة وتدرج، على غرار ما قامت به الصين خلال عقود مضت عندما فتحت أبوابها للاستثمارات الأوروبية.
أما خولة الجبري فهي تعتبر أن الشراكة بين تونس والصين هي من الضروريات في العصر الحديث، لأن موازين القوى تغيرت، والفاعلون الرئيسيون على الساحة الدولية تغيروا أيضا بتغير المعطيات الإقتصادية، فالصين اصبحث ثاني أكبر اقتصاد في العالم وشريكا تجاريا لعدد كبير من الدول، والشركاء التقليديون لتونس يعانون بدورهم من أزمات اقتصادية خانقة نجحت الصين في تجاوزها .
وأشارت إلى أنه بات من الضروري تغيير سياسة الاكتفاء بشركاء الماضي، والتوجه نحو الدول التي توفر فرصا لتنمية الإقتصاد عوضا عن الارتهان، خاصة وأن الصين سوق استهلاكية ضخمة تسعى كل الدول إلى كسبها. كما أن الصين لديها تجربة هامة في مجال البنية التحتية، تحتاجها تونس بالنظر إلى النقص في الخبرات في هذا المجال. كما ان تونس قادرة على لعب دور محوري في مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين، والتي تسعى من خلالها الى ضم اكبر عدد من دول لانشاء شبكة تجارية تمر من آسيا وحتى اوروبا عبر الشرق الاوسط وشمال افريقيا، نظرا لتمتعها بموقع جغرافي مميز، يجعلها بوابة الصين لأوروبا وافريقيا.
لكن كل هذه الفرص والآفاق المطروحة تبقى رهينة القرار السياسي، حسب خولة، التي ترى أنه ليس هناك أي رغبة في تغيير شريك الماضي، ولو كان ذلك على حساب تنمية البلاد، ملاحظة أن أغلب الدول فهمت هذا التغير في الموازين وعملت خلال السنوات الماضية على إرساء شراكة استراتيجية شاملة مع الصين، في حين بقيت تونس تلعب دور المتفرج حتى الآن، حسب قولها.
ويتعين على تونس، وفق نبيل باشا آغا، التركيز على تطوير التعاون والتبادل الثقافي والإنساني مع الجانب الصيني لتعريفه بالسوق التونسية وبحاجيات شعبها باعتبار أن الصين ليس لديها معرفة حقيقة بمناخ الأعمال في تونس، مشيرا إلى أن تطوير تدفق السياح الصينيين إلى بلادنا من شأنه دعم جسور التواصل بين البلدين وانفتاح السوق الصينية الضخمة على المنتوجات التونسية وتعرفها على ما يمكن استيراده منها كالمواد الغذائية والملابس.
ويسعى أفراد الجالية من موقعهم، وفي حدود ما يسمح به القانون الصيني وإمكانياتهم، أن يساهموا في دفع وتطوير العلاقات التونسية الصينية على عدة مجالات وخاصة منها التعاون الاقتصادي. ويناقش عدد منهم إرساء منصة رقمية للتسويق لتونس في الصين وتعريف الصينيين بالثقافة التونسية وفرص التعاون والاستثمار فيها، تكون نافدة تسويقية تعريفية إعلانية للفرص الدراسية والاستثمارية، وتتضمن أيضا المنح الدراسية الصينية والفرص التي يمكن ان يجدها الصيني في تونس او تجارب الصينيين في بلادنا.

بقية الأخبار

ريبورتاج فيديو

podcast widget youtube

الميثاق-التحريري

برامج وخدمات

tmp111

tmp222

تابعونا على الفيسبوك

أحوال الطقس

الميثاق

مدونة-سلوك

radio gafsa