افتتحت مساء الخميس 21 مارس 2019 بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة تظاهرة « تونس عاصمة الثقافة الاسلامية لسنة 2019″ بحضور وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين ومدير عام المنظمة الاسلامية للتربية والثقافة والعلوم (الايسيسكو) عبد العزيز بن عثمان التويجري والأمين العام لإتحاد المغرب العربي الطيب البكوش وعدد من سفراء البلدان الإسلامية المعتمدين بتونس وورؤساء وفود عدة بلدان إسلامية وممثلي المنظمات الدولية وثلة من أهل الثقافة والإعلام.
وبين وزير الشؤون الثقافية لدى افتتاحه لهذه التظاهرة التي ستحتضنها تونس على امتداد سنة تحت إشراف رئاسة الجمهورية، أن اختيار تونس اليوم عاصمة للثقافة الاسلامية ، من قبل الايسيسكو، له أكثر من مغزى بالنظر إلى الراهن الحضاري الذي تحمله هذه العاصمة والرهان الثقافي الذي تتحمله مستقبلا في هذا الظرف الذي يمر به العالم الإسلامي.
وأكد بالمناسبة على أهمية العمل الدؤوب والتنسيق القوي بين الحكومات والدول لإبراز صورة ناصعة لثقافة متأصلة في لغتها وحضارتها مع ضرورة أقلمتها مع استراتيجيات ثقافية جديدة تحمل إصلاحا جوهريا للمشهد الثقافي، داعيا في هذا الصدد إلى مزيد دفع الثقافة إلى الاضطلاع بأدوار أساسية في الوقت الراهن لتكون رافدا للتنمية وسدا منيعا أمام دعوات التطرف والإرهاب.
وذكّر محمد زين العابدين بأن تونس تحمل شرف هذه المسؤولية (عاصمة الثقافة الإسلامية) عشر سنوات بعد القيروان عاصمة الثقافة الإسلامية بعنوان 2009 مشيرا إلى أن تونس ستسعى إلى تقديم مثال راق لحقيقة الإسلام الحضاري وقيمه الإنسانية الكونية وستدعم مشاريع التنمية الثقافية في علاقتها بالحق الثقافي الذي يقتضي تعميم المعلومة وتقريبها من كل مواطن، معتبرا أن الحق في الثقافة يستوجب عدم الاكتفاء بالعواصم الكبرى والاتجاه بالفعل الثقافي نحو الجهات في إطار تكريس مبدأ اللامركزية الثقافية.
ومن جهته تحدث عبد العزيز بن عثمان التويجري مدير عام الايسيسكو عن المقاييس التي تعتمدها المنظمة في اختيار العواصم الثقافية، وهي تقوم أساسا على عراقة تاريخ المدن المختارة وتميزها الحضاري ومساهماتها في ازدهار الثقافة الاسلامية ودعم الثقافة الانسانية، ملاحظا أن اختيار تونس عاصمة للثقافة الاسلامية يعكس المكانة المرموقة لتونس في تاريخ الحضارة الاسلامية وتميز حراكها الثقافي والفكري عبر التاريخ.
وأوضح أن العمق الثقافي والانساني الذي يطبع برنامج العواصم الاسلامية يهدف إلى إنعاش الذاكرة التاريخية في شعوب العالم الاسلامي وتقوية الهمم والعزائم وربط الثقافة العربية الإسلامية بالحاضر المتجدد عبر التشجيع على الابداع الثقافي في شتى مجالاته والنهوض بالتفوق للمعرفة والعلوم استئنافا لدورة ثقافية عربية تعيد للدول العربية مكانتها التي تليق بها بين دول العالم وتساعد في بناء السلام العالمي في هذه المرحلة من التاريخ.
وأشار إلى أن الايسيسكو حرصت على ان تكون مشاركتها في هذه التظاهرة متماشية مع خصوصيات العاصمة ومنسجمة مع الاهداف المرسومة لها ونظمت بالمناسبة 17 نشاطا من بينها ثلاث ندوات إقليمية تعنى بالنهوض بالمشهد الثقافي في العالم العربي فضلا عن تخصيصها لجوائز لأفضل مشروع ثقافي ولأفضل إنتاج برنامج إعلامي ثقافي إلى جانب إدراج جائزة تشجيعية في مجال الحرف والصناعات التقليدية.
ومن جانبه ابرز أمين عام مساعد رابطة العالم الإسلامي عبد الرحمان بن عبد الله الزيد، أن تونس تزخر بتاريخ حضاري وإسلامي ثري مستعرضا عددا من المعالم الاسلامية الضاربة في القدم وفي مقدمتها جامع الزيتونة، مضيفا أن تونس أنجبت عديد الاعلام الذين دونوا أسماءهم بأحرف من ذهب في التاريخ الاسلامي الحديث مثل العلامة عبد الرحمان ابن خلدون ومحمد الخذر حسين ومحمد الطاهر بن عاشور.
وبين أن اختيار تونس عاصمة للثقافة الاسلامية لسنة 2019 هو اعتراف بالمكانة التي تحظى بها كنموذج لقيم الاسلام السمحة والوسطى وكواجهة للاعتدال والتسماح في ظل التحديات الفكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية الراهنة.
وتم بمناسبة الإفتتاح الرسمي لتظاهرة تونس عاصمة الثقافة الاسلامية تنظيم عرض فني موسيقي بعنوان « ذروة المعالي » لأوركستر وأصوات أوبرا تونس بقيادة هشام العماري. وهو عمل من تصور وإخراج سليم الصنهاجي بمشاركة الفنانين محرزية الطويل ومحمد العايدي. وتضمن هذا العرض باقة من الأغاني الصوفية المستوحاة من التراث التونسي على غرار « يا فارس بغداد » و »من لي سواك » و »زور القبة » التي جاءت ممزوجة بعطر الآداء الصوفي التونسي مع تجديد في الألحان والتوزيع بإمضاء سامي بن سعيد.