البث الحي

الاخبار : أخبار الجهات

صنع الاجر توزر

حرفيو الآجر التقليدي في توزر : بين حتمية تطوير الحرفة وضرورة الحفاظ عليها من الاندثار

يواجه حرفيو الآجر المحلي بولاية توزر صعوبات ومخاطر متعددة الأوجه، فقد أصبحت هذه الحرفة التي انحصرت في مجموعة من كبار السن، وسط عزوف الشبان عن تعلمها وامتهانها، مهددة اليوم بالاندثار الى جانب صعوبة تواصل نشاط الحرفيين في الفضاء الذي يشغلونه حاليا بالقرب من احد الاحياء السكنية في مدينة توزر نظرا للتلوث والازعاج الذين تسبب فيهما نشاطهم.
ولتجاوز هذا الاشكال، فكرت المصالح الجهوية في بعث قرية حرفية عن طريق مشروع التنمية المندمجة بما يضمن للحرفيين مواصلة نشاطهم وابعاده عن مناطق السكن فوقع الاختيار على منطقة « النفليات » التي تبعد قرابة 6 كيلومترات عن مدينة توزر، وهو ما من شأنه ان يمكّن من الحفاظ على الحرفة وخلق فرص التكوين لأجيال جديدة وتطوريها سيما وان الآجر المحلي طابع ميز مدن جهة الجريد وجلب لها انظار السياح والمختصين.
ورغم اقتناع الحرفيين بضرورة نقل نشاطهم الا انهم يشددون على ضرورة تمكينهم من تعويض مالي او قروض ميسرة تسمح لهم ببدء نشاطهم في القرية الحرفية حيث يمثل الوضع المادي الهاجس الرئيسي لهم، فتغيير المكان يفرض عليهم اعادة بناء الافران المخصصة لتجفيف الآجر وتهيئة مكان صناعي يزاولون فيه نشاطهم مع أهمية توفر وسيلة نقل لهم نظرا لبعد القرية الحرفية عن مدينة توزر اضافة الى بعد المواد الاولية المتمثلة في الطين الاحمر والطين الابيض والماء وهي المواد الضرورية لصنع الآجر التقليدي والتي قد تكون غير متوفرة في الفضاء الجديد للقرية.
من جهته، يعتقد الحرفي نبيل الغربي، المنتمي الى عائلة تمتهن هذا النشاط منذ اكثر من نصف قرن، ان « الموقع الجديد غير مناسب بحكم بعده عن المدينة ومن شأن عملية اعادة الانتصاب في مكان جديد ان تكون مكلفة لكافة الحرفيين بحكم ان جميعهم من متوسطي الدخل فهذه الحرفة رغم متاعبها لا توفر مردودا طيبا للحرفي »، وفق تعبيره، مشيرا الى انه « في صورة انتقال الحرفيين الى الموقع الجديد فمن الواجب تمكينهم من تعويض مالي يستطيعون يخول لهم مواصلة نشاطهم وهو ما قد يتطلب منهم ، وفق تقديرهم، تمويلا بحوالي 30 الف دينار لبناء فضاء صناعي مغطى وفرن، معتبرا ان طريقة بناء الفرن تخضع الى شروط لا يعرفها الا الحرفي نفسه ليتحمل درجات الحرارة المرتفعة ».
ولم يخف، من جهة أخرى، ان نشاطهم تحول الى مصدر للتلوث للحي القريب منهم نظرا لاستعمالهم المكثف للحطب وبعض المواد الاخرى وحرقها لتجفيف الآجر.
واعتبر علي الغربي شقيق نبيل الغربي ان « توفير تعويض للحرفيين كاف ليزاولوا نشاطهم في القرية الحرفية الجديدة حيث ان القرض من شأنه ان يكبل الحرفي الذي لن يكون قادرا على سداده في الآجال المحددة نظرا لان صناعة الآجر المحلي اصبحت في السنوات الاخيرة ذات مردود متوسط مع نقص عدد المشاريع السياحية والمشاريع العمومية التي كانت تمثل السوق الرئيسية لهذه المنتوجات ».
وأوضح ان « الموقع الجديد يتوفر على نوع واحد من الطين المستعمل في صناعة الآجر التقليدي وهو الطين الاحمر في حين يحتاج الحرفي الى نوعين حتى تكون نوعية الآجر جيدة وغير قابلة للكسر »، على حد قوله.
ولم يخف، عمار السالمي، احد الحرفيين، رفضه المبدئي للانتقال من موقع نشاطهم الحالي فهو يراه الافضل من حيث القرب ولا يحتاج الوصول اليه الى وسيلة نقل خلافا للموقع الجديد مطالبا الجهات المعنية وعلى رأسها المندوبية الجهوية للصناعات التقليدية والمجلس الجهوي لولاية توزر تفهم مطلبهم بتمكينهم من تعويض مالي.
ولفت السالمي الى الصعوبات الكبيرة التي تحيط بحرفيي هذا القطاع فهي حرفة مهددة بالزوال، وفق تقديره، لا يتعاطاها الا عدد من كبار السن وانحصرت في مدينتي توزر ونفطة، داعيا السلط المعنية الى التفكير في دورات تكوينية للشبان للحفاظ على هذا الاختصاص وتوفير حوافز مالية للانتصاب.
ويعد احداث قرية حرفية جديدة اختيارا استراتيجيا بحسب منسق مشاريع التنمية المندمجة بولاية توزر، محمد العيد الكنيسي، بالنظر الى ان مكان الانتصاب الحالي المحاذي للمناطق السكنية والموجود على مقربة من القرية السياحية لشركة « الديار القطرية » بالاضافة الى كونه مصدرا للتلوث، موضحا ان منطقة « النفليات » التي وقع اختيارها لتحتضن القرية الحرفية الجديدة تتوفر على المياه وعلى المواد الاولية بعد معاينتها من طرف السلط الجهوية.
وأشار الى تأخر تهيئة القرية حيث ما زالت حاليا في المراحل الاخيرة من الدراسة وذلك بسبب الاشكال العقاري وقد تم مؤخرا تخصيصها لفائدة الجهة عن طريق مصالح املاك الدولة والشؤون العقارية، لافتا الى ان الحرفيين رفضوا البرنامج الوظيفي الذي تم اعداده بدعوى ان تهيئة الفضاء الصناعي والفرن يجب ان يخضع الى المواصفات التي تحتاجها صناعة الآجر المحلي و يجب ان يتولوا بانفسهم تهيئة هذه الفضاءات.
و أضاف انه، « وبعد اخذ رأي الحرفيين، سيتولى المشروع تهيئة الفضاءات وفق مقاييس تتطلبها الحرفة، وسيتكفل المشروع بربط القرية بالتيار الكهربائي، وتوفير المياه عن طريق مجمع التنمية بالواحة القريبة »، مشيرا الى انه « من المقرر ان يتم بناء ادارة ودورات صحية وفضاءات صناعية وتمكين كل حرفي من مساحة 1500 متر مربع لمزاولة نشاطه على ان يتم اثر انتهاء تهيئتها تسليمها للمجلس الجهوي لتسييرها »، على حد قوله.

بقية الأخبار

ريبورتاج فيديو

podcast widget youtube

الميثاق-التحريري

برامج وخدمات

tmp111

tmp222

تابعونا على الفيسبوك

أحوال الطقس

الميثاق

مدونة-سلوك

radio gafsa