محافظ البنك المركزي التونسي : ّ"رغم التقدم المحرز لا يزال كنز هام من الإمكانات التي تزخر بها الجالية التونسية في الخارج غير مستغل بعد"

لا يزال رصيد هام من الإمكانات التي تمثلها الجالية التونسية بالخارج، والتي تُعد من أبرز الفاعلين الاقتصاديين تأثيرًا وإيجابية، غير مستغل حتى الآن، رغم التقدم المُحرز، وفق ما أكده محافظ البنك المركزي التونسي، فتحي زهير النوري.
وخلال مداخلته في الدورة الثانية لمنتدى "تونس العالمية"، الذي نظمته الثلاثاء الجمعية التونسية لخرجي المدارس العليا ، أشار النوري إلى أن الجالية التونسية تمثل رأس مال بشري يجب تحويله إلى أصول مالية لتمويل التنمية المستدامة.
وشدد في هذا السياق على ضرورة إعادة توجيه الاستراتيجية نحو إدماج فعلي للجالية في مسار التنمية الوطنية.
واقترح في هذا الإطار إدماج الجالية في صياغة السياسات الاقتصادية العمومية، عبر دعم الشبكات الجمعياتية والمنظمات المهنية القائمة، وتحسين النفاذ إلى المعلومة الشفافة والمركزية.
كما شدد محافظ البنك المركزي على أهمية تقديم أدوات استثمار مبتكرة، تتماشى مع احتياجات وتطلعات الجالية، مع الاستئناس بأفضل الممارسات الدولية.
وتحدث في هذا الصدد عن إمكانية إصدار "سندات الجالية" (Diaspora Bonds)، والتي ستُستخدم أموالها في تمويل المؤسسات المحلية ومشاريع البنية التحتية.
كما أشار إلى إدخال منتجات ادخار جديدة مصممة خصيصًا للجالية.
وفي الإطار نفسه، أفاد أن البنك المركزي التونسي بصدد تطوير استراتيجية تواصل وتحديث خدماته، مشيرًا إلى إطلاق منصة رقمية جديدة باسم "إكسبو" ، ستمكّن من إيداع الملفات إلكترونيًا، ومعالجتها ومتابعتها.
وأضاف أن نسخة جديدة من منصة الاستثمار بالعملة الصعبة لفائدة غير المقيمين في تونس، والمتوفرة على موقع البنك المركزي invest.bct.gov.tn/Fichinvest"، ستدخل حيز الخدمة قريبًا.
كما ذكّر النوري بأن الجالية التونسية التي يبلغ عددها نحو 1.8 مليون مواطن، أغلبهم في أوروبا ودول الخليج، تُعد من أبرز مصادر العملة الصعبة للاقتصاد التونسي.
وأضاف أن تحويلات التونسيين بالخارج مثلت، مع نهاية سنة 2024، نحو 30 بالمائة من إجمالي احتياطي العملة الأجنبية لدى البنك المركزي، أي ما يعادل 6.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. ولها أيضًا تأثير مُستقر على المستوى الاقتصادي الكلي.
وأوضح أن الجالية تُساهم كذلك في دفع الاستهلاك الوطني، ودعم النمو الاقتصادي، وتُساهم مباشرة في الإيرادات الجبائية للدولة بنسبة 2 بالمائة وتُعزز النسيج الاقتصادي المحلي باستثماراتها، خصوصًا في القطاع العقاري.
ومن جانبه، أشار رئيس الجمعية أمين علولو، إلى أن تنظيم المنتدى يأتي في إطار "شهر الجالية"، الممتد من 15 جويلية إلى 15 أوت 2025
وأضاف أن جولة سنة 2025، التي ستنظم في كل من صفاقس، سليانة، الحمامات، سوسة، الكاف، جربة وباجة، تهدف إلى إعادة ربط الكفاءات التونسية بالخارج بتحديات تونس وطموحاتها.
وتهدف الجولة أيضًا إلى خلق فضاء لتبادل الخبرات بين الخبراء والمستثمرين والمرشدين من الجالية التونسية، وبين المنظومات الريادية الجهوية، وتسليط الضوء على النجاحات المحلية والمشاريع المبتكرة وفرص الاستثمار الخاصة بكل جهة، من أجل دفع التنمية المستدامة والشاملة.
وتطرق علولو، إلى التحديات التي تواجهها الجالية التونسية في مجال الاستثمار، لافتًا إلى انقطاع الصلة بين الجالية والبلاد، ومشددًا على أن المنتدى والجولة الجهوية سيساهمان في تعزيز الشبكات المحلية والفاعلين الاقتصاديين والإداريين.
كما أضاف أن بيئة الأعمال، والخدمات الإدارية والبنكية، والنقل الجوي، تمثل أوراشًا كبرى من شأنها استقطاب المستثمرين، وتسهيل انفتاح الاقتصاد الوطني.