نشطاء: نسبة الارتياد المدرسي لذوي الإعاقة ضعيفة جدا وتنذر بتخلف عدد كبير منهم عن التمدرس

اعتبر عدد من نشطاء المجتمع المدني في مجال حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أن نسبة الارتِياد المدرسي لذوي الاعاقة، والتي لا تتجاوز 41 بالمائة للفئة العمرية بين 3 و24 سنة، ضعيفة جدا، ما ينذر بتخلّف عدد كبير من الأطفال ذوي الإعاقة عن التمدرس، في ظل غياب مرحلة ما قبل الدراسة وضعف الإمكانيات التربوية واللوجستية المخصصة لهم.
وعبر الناشطون عن استيائهم من غياب مساعٍ جدية لتطوير المهارات الحياتية لدى هذه الفئة، من خلال عدم تفعيل النوادي الثقافية المشتركة وضعف التجهيزات التعليمية بالفضاءات الحاضنة للأطفال ذوي الإعاقة.
وأظهرت نتائج التعداد العام للسكان والسكنى أن معدل الارتياد المدرسي لدى الأشخاص ذوي الإعاقة من الفئة العمرية 3 إلى 24 سنة لا يتجاوز 41 بالمائة، مقابل 78.5 بالمائة على المستوى الوطني.
واعتبرت الكاتبة العامة للجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بوراوية العقربي، في تصريح لـ(وات)، أن هذه النسبة ضعيفة ولا تتماشى مع إقرار قانون الدمج المدرسي منذ سنة 2013، الذي نص على أن تصبح جميع المؤسسات التربوية دامجة منذ ذلك التاريخ، وهو ما يكشف عن عراقيل عديدة تحول دون التحاق الأطفال من ذوي الإعاقة بالمدارس.
وبيّنت العقربي أنّ غياب الآليات التنفيذية، ومنها البنية التحتية الملائمة وتكوين الإطار التربوي، يعد أبرز الإشكاليات، مشيرة في المقابل إلى نجاح نسبي لتجربة المدارس الدامجة للمكفوفين في صفاقس وبنزرت. وأوضحت أن توفير تجهيزات مثل السماعات و"المرافق المدرسي" يتيح دمج الأطفال من ذوي الإعاقة السمعية.
كما دعت إلى ضرورة تهيئة البنية التحتية لتسهيل ولوج ذوي الإعاقة العضوية إلى المؤسسات التربوية، إلى جانب تكوين الإطار التربوي في المقاربة الحقوقية والبيداغوجيا الدامجة.
من جهته، أكد رئيس جمعية إبصار لثقافة وترفيه الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية، محمد المنصوري، أن إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء، رغم أهميتها، لا تعكس واقع ما يواجهه الأطفال ذوو الإعاقة، خاصة في المناطق الريفية والنائية.
وأشار المنصوري إلى حرمان هذه الفئة من مرحلة ما قبل التمدرس، وهو ما يحرمهم من فرص تعزيز المهارات الحياتية، فضلا عن غياب الاختصاصات والتكنولوجيات الحديثة في المراكز والمدارس والمعاهد الخاصة بالمكفوفين داعيا في هذا السياق إلى تنظيم مؤتمر وطني لصياغة استراتيجية شاملة للنهوض بالتعليم والتكوين لفائدة ذوي الإعاقة، وإدراج تقنيات مثل الإعلامية وطريقة براي ولغة الإشارة ضمن المناهج الرسمية.
وتجدر الإشارة إلى أنّ المادة 24 من الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي صادقت عليها تونس في 2 أفريل 2008، تنص على التزام الدول الأطراف بتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من تعلم المهارات الحياتية والاجتماعية وتيسير مشاركتهم الكاملة في التعليم، بما في ذلك تعلم طريقة براي، ووسائل الاتصال البديلة، ومهارات التوجيه والتنقل، ودعم تعلم لغة الإشارات. كما تكفل لهم الحق في التعليم العالي والتكوين المهني والتعليم مدى الحياة على قدم المساواة مع الآخرين.
وفي السياق ذاته، أوضح رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل الكفيف لـ(وات)، أنّ ضعف نسب التمدرس مرتبط أيضا بعدم شمولية إحصاءات المعهد الوطني لغير حاملي بطاقة الإعاقة، وهو ما يقلل من دقة كشف الأطفال في سن الدراسة.
وأضاف أنّ غياب الوعي لدى بعض الأولياء، وصعوبة التنقل خاصة في المناطق الفقيرة والنائية، إلى جانب محدودية عدد مدارس ومعاهد الكفيف (المتواجدة فقط في بن عروس وقابس وسوسة، إضافة إلى مدارس نصف دامجة في صفاقس وبنزرت)، كلها عوامل تؤثر سلبا على نسب التمدرس.
وبيّن أنّ الدولة توفّر الوسائل التعليمية واللوجستية بمدارس المكفوفين بصفة مجانية، لكنها تظل غير مواكبة للعصر، إلى جانب غياب النوادي الثقافية المشتركة مع بقية التلاميذ.
كما أشار إلى صعوبات في تعلم طريقة براي لدى بعض التلاميذ المكفوفين، البالغ عددهم حوالي 500 خلال السنة الدراسية 2025-2026، نتيجة عوامل مختلفة مثل تراجع حاسة اللمس أو غياب التكوين المبكر في مرحلة ما قبل التمدرس.