المنخفض الجوي "بيرون".. فصل جديد من معاناة النازحين في قطاع غـ ـزة

يأتي المنخفض الجوي القطبي "بيرون"، الذي ضرب الأراضي الفلسطينية المحتلة، ليضيف فصلا جديد من المعاناة إلى المأساة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في مخيمات النزوح المنتشرة بقطاع غزة، وتؤوي عشرات الآلاف ممن تشردوا وتقطعت بهم السبل بعد انهيار منازلهم جراء عدوان الاحتلال الصهيوني .
فمع بدء المنخفض الجوي في الساعات الأولى من صباح أمس "الأربعاء"، هطلت أمطار غزيرة في أنحاء متفرقة من قطاع غزة وارتفع منسوب المياه التي أغرقت العديد من مراكز الإيواء وآلاف الخيام في مخيمات النزوح المنتشرة بالقطاع، كما قطعت الكثير من الطرق، في مشهد مأساوي يفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية أصلا في القطاع.
ورصد مراسل وكالة الأنباء القطرية /قنا/ في قطاع غزة معاناة الآلاف من النازحين جراء غمر مياه الأمطار الغزيرة خيامهم في مخيمات النزوح التي تفتقر في الأساس لوسائل الحماية وتقام بشكل عشوائي، في ظل عدم توفر بنية تحتية أو خدمات أساسية يمكن أن تشكل حماية للنازحين من مياه الأمطار والتقلبات الجوية.
ووفقا للأرصاد الجوية الفلسطينية، فإن المنخفض الجوي القطبي "بيرون"، الذي ضرب الأراضي الفلسطينية المحتلة أمس "الأربعاء" ويمتد حتى غد "الجمعة"، جاء مصحوبا بكتلة هوائية باردة، ويسبب انخفاضا ملموسا في درجات الحرارة، مع تهاطل أمطار غزيرة على معظم مناطق قطاع غزة، مشيرة إلى أن تأثير المنخفض الجوي يتعمق اليوم، حيث يتوقع المتخصصون تهاطل أمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية، وتساقط البرد أحيانا على مختلف المناطق.
وقال عدد من النازحين، في تصريحات لمراسل وكالة الأنباء القطرية /قنا/ في غزة، إنه مع بداية المنخفض الجوي هطلت الأمطار بغزارة في أنحاء متفرقة من قطاع غزة، وتدفقت مياه الأمطار إلى داخل الخيام وأماكن الإيواء المؤقتة التي تفتقر في الأساس لوسائل الحماية.
وأضاف سكان الخيام أن تجمعات مياه الأمطار تسببت في إتلاف أمتعتهم وجميع متعلقات حياتهم اليومية من أطعمة وألبسة وفراش وخربت مأواهم المؤقت الذي لا يحميهم من قسوة الطقس صيفا وشتاء، مشيرين إلى أن الرياح الشديدة التي صاحبت بداية المنخفض اقتلعت الكثير من خيام النازحين المقامة على طول الشريط الساحلي لشاطئ بحر غزة، كما غمرت مياه البحر الهائج خياما أخرى، حيث اضطرت العديد من العائلات لإقامة خيامها على الشاطئ مباشرة لعدم توفر أماكن تتسع لإقامتها داخل المدن.
وحذر محمود بصل المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة من الآثار والمخاطر غير المسبوقة التي قد يسببها المنخفض الجوي، لا سيما وأن القطاع يعيش فترة بالغة الصعوبة بعدما أنهكه العدوان الصهيوني المدمر وتسبب في انهيار شامل لمختلف القطاعات المدنية والخدماتية، فضلا عن منع فرق الدفاع المدني من تقديم خدمات الإغاثة أو الاستجابة لها.
وقال بصل، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن مخيمات ومراكز الإيواء، إضافة إلى المباني الآيلة للسقوط، مهددة بانهيارات كبيرة قد تخلف ضحايا مع قوة الرياح والأمطار، كما أن المخيمات الواقعة في مناطق منخفضة غمرتها المياه ومرشحة للمزيد من التدهور نظرا لعدم قدرتها على استيعاب كميات الأمطار المتوقعة.
وأكد المتحدث باسم الدفاع المدني أن قطاع غزة قد يشهد غرقا واسعا مع استمرار المنخفض، بسبب غزارة الأمطار المتوقعة في ظل تدمير البنية التحتية، كما أن موجات البرد والسيول والانهيارات تهدد حياة النازحين، مطالبا المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بسرعة التحرك لإدخال الكرفانات المجهزة إلى غزة، وتوفير بنية تحتية ملائمة تضمن الحد الأدنى من الأمان للنازحين في مواجهة الظروف الجوية القاسية.
من جانبه، قال إسماعيل الثوابتة مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن المنخفض الجوي "بيرون" يحمل مخاطر كبيرة على قطاع غزة، مع توقعات بهطول أمطار غزيرة تسبب فيضانات وسيول، إلى جانب الرياح الشديدة التي اقتلعت خيام النازحين وأمواج البحر العالية.
وأضاف الثوابتة، لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن الظروف المناخية التي يمر بها قطاع غزة تنذر بتداعيات خطيرة تطال عشرات آلاف العائلات التي تعيش في خيام ومراكز إيواء بدائية لا توفر الحد الأدنى من الحماية، الأمر الذي يرفع احتمالات وقوع أضرار واسعة وخسائر بشرية.
بدوره، حذر حسني مهنا المتحدث الإعلامي باسم بلدية غزة من المخاطر الكبيرة التي تشكلها المنخفضات الجوية على النازحين والسكان، في ظل الدمار الذي لحق بالبنية التحتية للقطاع.
وقال مهنا، في تصريح مماثل لـ/قنا/، إن الاحتلال الصهيوني دمر أكثر من 85 في المئة من معدات البلدية التي كانت تستخدم لإنقاذ وإغاثة المواطنين في المنخفضات الجوية، وهو ما عطل قدرتها على تقديم المساعدات للسكان والنازحين المتضررين الذين تحاصرهم مياه الأمطار.
وطالب المجتمع الدولي بضرورة الضغط على الاحتلال الصهيوني، للسماح بإدخال المواد والمعدات الأساسية لقطاع غزة، موضحا أن الوضع كارثي بسبب المنخفضات الجوية القوية والنقص الحاد في الإمدادات الأساسية.
وكانت الآلاف من خيام النازحين قد غمرتها المياه في المنخفض الجوي الأول الذي ضرب الأراضي الفلسطينية المحتلة قبل أسبوعين، وتسبب حينها في تدمير مخيمات الإيواء المنتشرة في كافة مناطق قطاع غزة وتشريد ساكنيها.
ويتزامن المنخفض الجوي في قطاع غزة مع استمرار الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها سكان القطاع جراء حرب الإبادة التي شنها الاحتلال الصهيوني على مدار عامين، قضى فيها على البنية التحية والخدماتية لكافة قطاعات الحياة في غزة، كما دمر المباني والأحياء السكنية في كافة مدن القطاع، ما أجبر مئات الآلاف من الأسر على الإقامة والسكن في خيام بمخيمات نزوح تفتقر لأبسط مقومات الحياة الإنسانية الكريمة.




13° - 16°








