في مؤتمر دولي بمعهد الصحافة : مقاربات ورؤى من اجل تنسيق الذكاءات والديناميكيات التنظيمية وتكامل يُثمّن الذكاء البشري

كيف يمكن للذكاء البشري والذكاء الاصطناعي التعايش بانسجام؟ أي سبيل للمؤسسات للاستفادة من هذه العلاقة، وتحقيق الديناميكيات التي تحتاجها للتطور والبقاء؟
إشكاليات عدة، طرحها أكاديميون وخبراء خلال المؤتمر الدولي العشرين للشبكة البحثية الدولية ومتعددة التخصصات حول قضايا واستخدامات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (أصبحت في 2023 جمعية)، في نسخته الجديدة ومحورها "تنسيق الذكاءات والديناميكيات التنظيمية".
تعددت المداخلات في هذه النسخة التي افتتحت أشغالها اليوم الأربعاء واستضافها مخبر البحث "الاعلام والاتصال والسّياقات الانتقالية" بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار بمشاركة 8 دول عربية واجنبية وأشرف عليها رئيس جامعة منوبة عامر الشريف ومدير المعهد الصادق الحمامي.
كما تنوعت مسائل الطرح والرؤى من اجل تقريب وجهات النظر بين مختلف المقاربات حول تنسيق الذكاءات في المنظمات والمؤسسات والديناميكيات التنظيمية الجديدة وكيفية تلاؤمها لتعزيز الابتكار والأداء والاستدامة.
اذ اكدت رئيسة مخبر البحث "الاعلام والاتصال والسّياقات الانتقالية" بمعهد الصحافة حميدة البور ل(وات)، انه بقدر التفكير في التحديات والفرص في استعمال أنظمة الذكاء الاصطناعي، سيتركز الاهتمام خلال المؤتمر على المخاطر وتجنب بعض الجوانب السلبية التي تطرح اليوم في علاقة بتلك الأنظمة التوليدية والمعززة، والمتعلقة مثلا بنشر الاخبار الزائفة وقولبة التفكير باعتماد طرق موحدة في التعاطي مع المواضيع وفرض الرؤية الواحدة.
وأضافت ان المسالة الأساسية هي إعادة النظر في موقع الانسان والذكاء البشري في العملية الإنتاجية وكيفية النظر للذكاء الاصطناعي ان كان فرصة استثمار حقيقي في تطوير عملية الإنتاج ورفع أداء المنظمات والمؤسسات وخاصة الإعلامية، مشيرة الى أن دوجلاس سي. إنجلبارت (Douglas C. Engelbart)، مهندس امريكي في مجال الحوسبة التفاعلية قال انه "يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون بمثابة أداة لتعزيز القدرات المعرفية وتضخيم القدرات البشرية بدلًا من استبدالها، وبالتالي خلق تآزر بين الإنسان والآلة".
من جهتها اعتبرت رئيسة الجمعية العلميّة "قضايا واستخدامات تكنولوجيا المعلومات والاتّصال (EUTIC)، ليز فييرا في تصريح ل(وات)، أن الأسئلة المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والتي يركز عليها المؤتمر أصبحت تحتل مكانة متزايدة الأهمية، مع التأكيد على وجود تكامل بين مختلف أشكال الذكاء، وخاصة ضرورة أن يبقى الإنسان هو العنصر المُشرف والمُوجّه لهذه التطورات.
وتابعت قائلة "من المهم أن نحرص على ألا يفقد الإنسان، بوجه عام، السيطرة أو زمام الأمور، وأن يظل قادراً على توجيه هذه التقنيات المتقدمة والاستفادة منها دون أن يصبح تابعاً لها".
واعتبرت الجامعية سمية الوردني انه من خلال استبيان لعينة من الموظفين في المجال الاقتصادي، والتركيز على "الذكاء الاصطناعي عند مفترق الثقة والقدرات التنظيمية: أيّ تآزر لتحقيق أداء أفضل؟" تمت دراسة كيفية دعم التناسق بين الذكاء البشري والاصطناعي لتطوير ودعم ثقة الموظفين كجزء من حلقة الإنتاج في المنظومة الاقتصادية، وكيفية تمكينهم من الاليات اللازمة لاستعمالها لتنسيق بين تلك الذكاءات، وتم التوصل الى ان عديد المؤسسات ركزت او بصدد تركيز تقنيات تعمل على التنسيق بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي، في إطار من التكامل، وذلك بهدف تحسين الأداء، وتعزيز الكفاءة البشرية، كهدف أساسي بات يطرح بشدة في خضم المخاوف من ضمور العقل البشري امام الذكاء الاصطناعي.
وخلصت المنسقة العلمية للمؤتمر يسر الصغير الى القول ان التركيز بالأساس سيكون في المؤتمر على الكيف، وعلى المنهجيات، والكيفية التي يتم بها تنسيق الذكاءات وتفعيل الديناميكيات التنظيمية، بعيدًا عن مجرد استعراض الأدوات أو التقدم التقني، معتبرة ان ذلك يمكن من تعديل المنظومات المعلوماتية لتاخذ بعين الاعتبار لا فقط التكنولوجيات، كاداة بل الذكاءات المختلفة للمجموعة البشرية التي من شانها ان تدفع بتلك المنظومات وتخلق التجانس بين كافة المسارات لتحقيق النجاعة والنجاح، وتضمن التوظيف المتكامل والأخلاق الذي، يضع الإنسان في صلب المنظومة ويجعله الفاعل الرئيسي في توجيه التحول الذكي داخل المؤسسات".
وفي انتظار التوصيات النهائية، وما سيتم الإعلان عنه من مقاربات ومناهج مشتركة، يتواصل المؤتمر بمعهد الصحافة غدا الخميس وبعد غد الجمعة، مستكشفا تحديات وفرص البيئة المعرفية الجديدة، وسبل انسجام الذكاء البشري مع الذكاء الاصطناعي، حتى يظل اداة داعمة له لا بديلة عنه.